2025-05-04
تفاصيل الانتهاك:
تُعد منطقة "جبل صبيح"، التي تُشكّل امتداداً طبيعياً لأراضي قرية يتما وبلدة بيتا، من أبرز المواقع التي تشهد استهدافاً ممنهجاً من قِبل عصابات المستعمرين الذين نفذوا فيها عدداً من الاعتداءات التي طالت الأراضي والأشجار الزراعية، بل وحوّلوا حياة عدد كبير من المزارعين إلى كابوس دائم.
وبحسب المستجدات الأخيرة، فقد أقدمت مجموعة من المستعمرين، انطلاقاً من المستعمرة المقامة على الجبل منذ عام 2021، على استهداف قطعة أرض زراعية تقع ضمن الحوض الطبيعي رقم (4) من أراضي قرية يتما، وتبلغ مساحة هذه الأرض 11 دونماً، وتعود ملكيتها للمزارع أحمد مطلق أحمد نجار، من سكان قرية يتما.
وقد قام المستعمرون بقطع وتخريب 60 شجرة زيتون معمّرة يبلغ عمرها نحو 65 عاماً، وذلك باستخدام أدوات كهربائية حادة، ما أدى إلى تلف كلي للأشجار وإلحاق ضرر بالغ بها.
وفي إفادته عن الحادثة، قال المزارع أحمد نجار:
"أملك قطعة أرض تبلغ مساحتها 11 دونماً، قمت في عام 2018 بتأهيلها وبناء جدران استنادية حولها، وقد كلّفني ذلك مبالغ طائلة، وتحتوي الأرض على 130 شجرة زيتون، ومنذ إقامة مستعمرة 'أفيتار' في عام 2021، بدأ المستعمرون بتصعيد اعتداءاتهم علينا، حيث تعرّضت شخصيًا للهجوم، وتم تكسير زجاج مركبتي، بل وتعرّضت للضرب الشديد ما أدى إلى كسور في العظام ونُقلت على إثرها إلى المستشفى، وبعد اندلاع الحرب على غزة، مُنعت من دخول أرضي من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي وفّر الحماية الكاملة للمستعمرين، وفي موسم قطف الزيتون الماضي (2024)، سُمح لنا بشكل جزئي بدخول الأرض لجني الثمار، ولكن كانت الصدمة حين اكتشفنا أن 70 شجرة زيتون قد أُحرقت بالكامل، حيث استغل المستعمرون منعنا من الدخول لإضرام النيران في الحقول"
وأضاف المزارع المتضرر:
"قمت بإبلاغ الارتباط المدني الفلسطيني بذلك، وقبل أيام قليلة فقط سُمح لنا بالدخول ليوم واحد من أجل حراثة الأرض، وخلال الزيارة شاهدنا أن المستعمرين قد قطعوا 60 شجرة زيتون بشكل كامل، وبذلك فإن كافة الأشجار التي في الأرض، إما أُحرقت أو قُطعت، ولم يتبقَ منها شجرة واحدة، علمًا أن الأرض كانت تُنتج ما لا يقل عن 20 تنكة زيت زيتون في كل موسم".
يُشار إلى أن استهداف أشجار الزيتون من قِبل المستعمرين المتطرفين بات ظاهرة متكررة، إذ تُعد شجرة الزيتون رمزًا للصمود والوجود الفلسطيني في الضفة الغربية، ولهذا فإنها كانت ولا تزال هدفًا رئيسيًا لهجمات المستعمرين، الذين يسعون إلى إفساد الأرض وتفريغها من سكانها. وقد شهد الريف الفلسطيني خلال السنوات القليلة الماضية مئات الاعتداءات على أشجار الزيتون، شملت القطع والحرائق المتعمّدة، ضمن سياسة ممنهجة لتجريف الوجود الفلسطيني.
تعريف بقرية يتما[1]:
تقع قرية يتما على بعد 14كم من الجهة الجنوبية من مدينة نابلس، ويحدها من الشمال قرية بيتا، ومن الغرب قريتي الساوية وياسوف، ومن الشرق قرية قبلان، ومن الجنوب قرية الساوية. ويبلغ عدد سكانها 2853 نسمة حتى عام 2007م. وتبلغ مساحة القرية الإجمالية 2952 دونماً منها 392 دونم عبارة عن مسطح بناء للقرية.
ونهبت الطرق الالتفافية 164 دونماً حيث يقام على أراضيها جزء من طريق رقم 60 وجزء من طريق رقم 505. هذا وتصنف أراضي القرية حسب اتفاق أوسلو إلى مناطق (B و C) حيث تشكل مناطق B (31%) بينما المناطق المصنفة C تشكل المساحة الأكبر وهي خاضعة للسيطرة الكاملة للاحتلال الإسرائيلية تشكل نسبة 69% ونوضح هنا المساحات بالدونم:
التعليق القانوني:
إن البيئة الفلسطينية عامةً تتعرض لانتهاكات بيئية عديدة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، ضاربة بعرض الحائط كافة القوانين والأعراف الدولية والوطنية المتعلقة بحماية الحقوق البيئية، وإن الحق بالعيش في بيئة نظيفة وسليمة هو حق لصيق بالإنسان منذ الخليقة. ودائماً ما يحاول الاحتلال الظهور بمظهر الحريص على الشؤون الدولية البيئية على الرغم من توقيعها على اتفاقيات كبرى لحماية البيئة أبرزها اتفاقية بازل عام1989م واتفاقية روتردام عام2008م واتفاقية ستوكهولم2001م واتفاقية رامسار عام 1971م، وكذلك مواثيق جودة الهواء والمناخ ورغم ذلك تقوم بانتهاك جميع هذه المعاهدات دون محاسبة أو مراقبة.
بالإضافة إلى النصوص الخاصة بحق التمتع ببيئة نظيفة وسليمة لكل من يقع تحت الاحتلال العسكري بحسب القوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية، كالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2200 ألف (د-21) المؤرخ في 16 كانون الأول / ديسمبر 1966 في المادة (1) البند (2): "...لجميع الشعوب، سعياً وراء أهدافها الخاصة، التصرف الحر بثرواتها ومواردها الطبيعية دونما إخلال بأية التزامات منبثقة عن مقتضيات التعاون الاقتصادي الدولي القائم على مبدأ المنفعة المتبادلة وعن القانون الدولي. ولا يجوز في أية حال حرمان أي شعب من أسباب عيشه الخاصة...".
ومما لا شك فيه أن الاعتداءات التي يقوم بها الجانب الإسرائيلي تخالف قوانين "دولة الاحتلال" قبل غيرها من القوانين، وبالرجوع إلى تفاصيل هذه الحالة نجد أن قانون العقوبات الإسرائيلي لعام 1977م وتعديلاته قد نص على أن التعدي على ممتلكات الغير لارتكاب جريمة فعل معاقب عليه بالقانون، وبقراءة المادة 452 من قانون العقوبات الإسرائيلي نجد أن القانون يخالف من يرتكب اعتداءً أو ضرراً للممتلكات سواء ( بئر ماء، بركة ماء، سد، جدار أو بوابة فيضان بركة، أو أشجار مزروعة، جسر، خزان أو صهريج ماء) يعاقب بالسجن عليه خمس سنوات.
كما أن المادة 447 من قانون العقوبات الاسرائيلي نصت على أنه:" من فعل أي من ذلك بقصد ترهيب مالك عقار أو إهانته أو مضايقته أو ارتكاب جريمة، عقوبته السجن سنتين:
(1) يدخل أو يعبر العقار؛ (2) بعد دخوله العقار بشكل قانوني، بقي هناك بشكل غير قانوني.
(ب) تُرتكب جريمة بموجب هذا القسم عندما يحمل الجاني سلاحًا ناريًا أو سلاحًا باردًا، عقوبته هي السجن أربع سنوات".
وبقراءة نص المادتين نجد بأن قانون العقوبات الإسرائيلي جرم مجرد دخول أي شخص بدون وجه حق إلى عقار ليس بعقاره بهدف الإهانة أو المضايقة أو الترهيب ويعاقب على ذلك الفعل سنتين، وتتضاعف العقوبة عندما يدخل المعتدي ويرتكب جريمة في عقار غيره باستخدام سلاح أو أداة حادة أو حتى الاعتداء الأراضي الزراعية من قطع وحرق وتخريب، وهذا ما تم تجريمه صراحةً في نص المادة 447 من قانون العقوبات الإسرائيلي آنف الذكر، كما يعاقب 5 سنوات لمن يتسبب بضرر للممتلكات المذكورة في المادة 452 وعليه فإن المعتدي " المستعمر" يجب أن تكون مخالفته مضاعفة الأولى بالدخول لعقار ليس بعقاره والثانية بالتعدي على الأشجار المزروعة وقطعها مما تسبب بضرر بيئي.
وعليه فإن المعتدي الإسرائيلي يخالف دون أي وجه حق ما جاء في القوانين والمعاهدات الدولية، وما جاء أيضاً في قوانين "دولته" الداخلية مخالفةً صريحة، وعليه لا بد على "القضاء الإسرائيلي" محاسبة ومعاقبة المستعمرين على هذه الأفعال بموجب نصوص قوانينهم وما جاء فيها. إلا أنه لا يوجد أي مسائلة قانونية للمعتدي من قبل القضاء الإسرائيلي. ولكن هذا لا ينفي حق أي إنسان على هذه الأرض أن يعيش في بيئة نظيفة وسليمة وآمنة من أي انتهاك واعتداء ضدها.
مشروع: حماية الحقوق البيئية الفلسطينية في مناطق "ج" SPERAC IV - GFFO
Disclaimer: The views and opinions expressed in this report are those of Land Research Center and do not necessarily reflect the views or positions of the project donor; the Norwegian Refugee Council.
إخلاء المسؤولية: الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا التقرير هي آراء ووجهات نظر مركز أبحاث الأراضي ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر أو مواقف الجهة المانحة للمشروع؛ المجلس النرويجي. للاجئين
[1] المصدر: وحدة نظم المعلومات الجغرافية – مركز أبحاث الأراضي.
آثار تقطيع أشجار الزيتون في أراضي قرية يتما