تفاصيل الانتهاك:
شهدت قرية بورين الواقعة إلى الجنوب من مدينة نابلس، في صباح يوم الأحد الموافق (6/7/2025)، إنشاء بؤرة استعمارية رعوية جديدة على اراضي القرية الجنوبية، والواقعة على وجه التحديد بالقرب من منزل " أم أيمن صوفان" والذي لطالما ارتبط هذا الاسم بمعاناة الفلسطينيين في القرية، لدرجة أن تلك العائلة باتت تجسد الجسم الأساسي في المقاومة ضد سياسة الترحيل والعربدة والتي ينفذها المستعمرون على حد سواء.
الصورة أعلاه البؤرة الاستعمارية على أراضي قرية بورين
يشار إلى أن موقع تلك البؤرة هو محاذي تماماً للطريق الالتفافي رقم 60 جنوب القرية، وهذا يمهد نحو السيطرة التامة على مساحات كبيرة من الأراضي المشجرة بالزيتون على مساحة ما يزيد عن 70 دونما مشجرة بالكامل بالزيتون المثمر، وفي نفس الوقت قريبة من أطراف القرية ومنازل المزارعين، علماً بأن البؤرة تتربع حالياً على مساحة دونم واحد تقريباً، من الأراضي الزراعية المملوكة لعائلة " النجار" وعائلة " قادوس" وهي عبارة عن غرفتين اثنتين.
من جهته أفاد المزارع والناشط في قرية بورين السيد منير قادوس بالقول:
"إن ما يجري يهدف إلى السيطرة على كامل أراضي القرية المحاذية للطريق الالتفافي رقم 60، علماً بأن تلك البؤرة تقع على مسافة 400مترا فقط عن محيط مستعمرة " يتسهار" الجاثمة على أجزاء من اراضي القرية، وبالتالي يريد الاحتلال خلق ترابط ما بين تلك البؤرة والأراضي التي تسيطر عليها مستعمرة "يتسهار" مما يعني تهويد كامل المنطقة الجنوبية من القرية.
وعلى مدار السنوات الماضية، تم توثيق العديد من تلك الانتهاكات المرتبطة بمستعمرة "يتسهار" تلك المستعمرة التي تزحف بشكل شبه يومي وتتسبب معاناة كبيرة للمواطنين القرية، فقد ارتبط اسمها بأعمال التجريف وتقطيع الأشجار والتخريب المستمر ناهيك عن مضايقات المزارعين المستمرة هناك.
يذكران مستعمرة يتسهار أقيمت عام 1983 على أراضي المزارعين الفلسطينيين في قرى بورين وعصيرة القبلية جنوب غرب مدينة نابلس، وذلك كنواة استعمارية صغيرة على التلال التابعة لتلك القرى، ومن ثم أخذت المستعمرة بالتوسع لتصادر عشرات الدونمات الزراعية من قرى بورين، عصيرة القبلية، عوريف، مادما، حوارة. وبلغت الحدود البلدية للمستعمرة حتى نهاية عام 2005 نحو 1223 من بينها 269 دونماً مسطحات بناء ( المصدر- مؤسسة سلام الشرق الاوسط – واشنطن). وتقع المستعمرة ضمن الحوض الطبيعي رقم (8) على أجزاء من قطع الأراضي المسماة (سلمان الفارسي، المرج، جبل الندى، خليل سلامة المهر) ويوجد في المكان الذي أقيمت على أراضيه المستعمرة مقام القائد المسلم سلمان الفارسي والجبل المحيط عرف بجبل سلمان الفارسي نسبة له.
نبذة عن قرية بورين:
تقع على بعد 8كم جنوب مدينة نابلس، وتبلغ مساحتها الإجمالية 10,416 دونم وهناك 335 دونم مساحة مسطح البناء، ويبلغ عدد سكانها قرابة 3500 نسمة، ومقام على أرضها مستعمرتين إسرائيليتين وهما: ' براخاه' صادرت من أراضيها 205 دونماً، ومستعمرة ' ايتسهار' صادرت من أراضيها 150 دونماً. ( المصدر: وحدة نظم المعلومات الجغرافية – مركز أبحاث الأراضي).
البؤرة الاستعمارية تهدد الأراضي الزراعية والرعوية والبيئة الفلسطينية:
إن إنشاء البؤرة الاستعمارية الجديدة على أراضي زراعية ورعوية سيجعل مئات الدونمات المزروعة بالزيتون والأشجار المثمرة وغيرها مهددة لصالح التوسع الاستعماري، الأمر الذي يهدد البيئة الفلسطينية في البلدة بفعل استمرار بناء بؤر استعمارية وتوسيع المستعمرات القائمة منها، حيث إن بناء بؤرة استعمارية جديدة على أراضي زراعية يعني ذلك إحداث تلوث بيئي إضافي.
فأشكال التلوث البيئي التي تحدثها المستوطنات والمصانع الإسرائيلية، من مياه عادمة وتدمير وتجريف للأراضي الزراعية والرعوية وتحويلها إلى مناطق بناء استيطاني جميعها انعكست بشكل خطير على التنوع الحيوي في فلسطين، حيث يعمل تجريف الأراضي لإقامة المستوطنات وشق الطرق الالتفافية على إزالة المساحات الخضراء بعد إزالة النباتات والأشجار، ومساحات واسعة من الغابات، وهذا يعني أن أعداداً كبيرة من أنواع النباتات قد اختفت ولم يسمح لها بالنمو مرة أخرى في نفس المنطقة.
كما تؤدي أعمال التجريف إلى إزالة وهدم أماكن سكن الحيوانات البرية، بالتالي إلى هروبها وهجرتها إلى أماكن أخرى، وخلق حالة من التجزئة البيئية في فلسطين. كما أن الآثار الناجمة عن الملوثات البيئية الأخرى قد انعكست على نمو النباتات وتكاثر الحشرات وانتشار الأوبئة التي من شأنها أن تلقي بظلالها على الحياة الحيوانية البرية. والمعضلة الكبرى هي استنزاف المياه الفلسطينية الذي أدى إلى تناقصها، وعدم قدرة النباتات والأشجار على النمو.
إن إنشاء البؤر الاستعمارية هي سياسة قديمة جديدة هدفها السيطرة على أكبر قدر ممكن من الأراضي الفلسطينية، ففي الحقيقة أن الأمور لا تتمحور حول الاستيلاء على دونم واحد أو بضعة دونمات بقدر نية سلطات الاحتلال الاستيلاء على أكبر مساحة ممكنة من الأراضي الفلسطينية، حيث تبدأ الفكرة بوضع خيمة أو بيت متنقل أو أكثر ثم تبدأ بالتوسع تدريجياً حتى تصبح بحاجة إلى بنية تحتية ومد خط مياه وشبكة كهرباء وشق طرق اليها وبالتالي يتم الإعلان عن تخطيطها وشرعنتها بأثر رجعي ثم تحويلها إلى مستعمرة تسيطر على مئات الدونمات، تأتي هذه الخطوات بالتزامن مع منع المزارعين الفلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم القريبة من تلك البؤر ومنع أعمال استصلاح او بناء بذريعة أمن المستعمرة لكن في حقيقة الأمر لتصبح الأراضي المحيطة بها مخزون استعماري يتم توسعة المستعمرة عليها متى شاءوا.
مصادرة الأرض مخالف للقوانين الدولية :
إن ما يقوم به المستعمرون في الأراضي الفلسطينية المحتلة من مصادرة أراضي الفلسطينيين وإنشاء بؤر أو توسيع المستعمرات عليها يعتبر انتهاكاً لحقوق الشعب الفلسطيني وأراضيه وانتهاكاً للقوانين والأعراف الدولية، وفيما يلي أهم النصوص الواردة في القوانين والمعاهدات الدولية التي تحظر الاستيطان الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية وتمنع المساس بالحقوق والأملاك المدنية والعامة في البلاد المحتلة وقرارات الأمم المتحدة ذات العلاقة.
اتفاقية لاهاي/ 1907:-
المادة 46: الدولة المحتلة لا يجوز لها أن تصادر الأملاك الخاصة.
المادة 55: الدولة المحتلة تعتبر بمثابة مدير للأراضي في البلد المحتل، وعليها أن تعامل ممتلكات البلد معاملة الأملاك الخاصة.
معاهدة جنيف الرابعة/ 1949
المادة 49: لا يحق لسلطة الاحتلال نقل مواطنيها إلى الأراضي التي احتلتها، أو القيام بأي إجراء يؤدي إلى التغيير الديمغرافي فيها.
المادة 53: لا يحق لقوات الاحتلال تدمير الملكية الشخصية الفردية أو الجماعية أو ملكية الأفراد أو الدولة أو التابعة لأي سلطة في البلد المحتل.
المادة 147: ان تدمير واغتصاب الممتلكات علي نحو لا تبرره ضرورات حربية وعلي نطاق كبير بطريقة غير مشروعة وتعسفية هو مخافة جسيمة.