تفاصيل الانتهاك:
شهدت بلدة سنجل الواقعة الى الشمال من مدينة رام الله، ظهيرة يوم الثلاثاء الموافق (22/4/2025)م وقع اعتداء عنيف من قبل مجموعة من المستعمرين انطلاقاً من البؤرة الرعوية الجديدة المقامة منذ أيام في منطقة " خربة التل" على أراضي بلدة سنجل الواقعة الى الشمال من مدينة رام الله.
يذكر أن أكثر من 70 مستعمراً قد قاموا بمهاجمة حقول المزارعين المشجرة بالزيتون هناك وأقدموا على تنفيذ أعمال وحشية من حرق وتخريب وتقطيع للأشجار.
حيث قام المستعمرون في البداية باقتحام مزرعة للزيتون في قطعة أرض تعود الى المزارع وائل باسم محمد غفري "48" عاماً، حيث قام المستعمرون بإطلاق قنابل صوتية وحارقة داخل غرفة زراعية يمتلكها المزارع مما أدى الى إندلاع النيران بها واحتراقها بالكامل وهي مبنية من جدران طوب وسقف من الصفيح المعزول، ونتيجة الغازات المنبعثة من تلك القنابل وهالة الهلع أدى ذلك الى حدوث نوبة قلبية حادة عند المزارع غفري ومن ثم استشهاده على الفور هناك بجانب غرفته الزراعية المحترقة، وكان المعيل الوحيد لأسرته المكونة من(6) أفراد من بينهم (3) إناث وهناك طفل واحد ضمن العائلة.
ومن ثم انتقل المستعمرون بعد ذلك باتجاه " عزبة بدوية" مكونة من خيام وبركسات تعود في ملكيتها الى المواطن محمد علي سالم عراعرة، والذي أجبرته اعتداءات المستعمرين قبل نحو عامين على ترك منطقة واد السيق الواقعة الى الشرق من بلدة دير دبوان والنزوح باتجاه بلدة سنجل بحثاً عن مكان أكثر أماناً في ظل تصاعد اعتداءات المستعمرين، ولكن رغم ذلك لم يسلم من تلك الاعتداءات التي قام المستعمرون بإحراق البركسات السكنية والزراعية التي يمتلكها وحرق كامل ما يمتلك من أثاث وملابس ومقتنيات شخصية ومبالغ نقدية وحتى سيارته الشخصية، وقد تم أيضاً سرقة كامل أغنامه والتي بلغ عددها 45 راساً من قبل المستعمرين، ولم يترك له المستعمرين أي شيء له مما دفعه نحو رحلة نزوح جديدة باتجاه القرى المجاورة بحثا عن الامان.
وقد أفاد المواطن العراعرة للباحث الميداني بالتالي:
" أقيم هنا في بلدة سنجل زهاء العامين، حيث أعمل في تربية الأغنام كمصدر دخلي الأساسي والوحيد، وأنا فقدت عدد كبير من أغنامي وممتلكاتي في منطقة واد السيق والتي أجبرت على الرحيل منها تحت تهديد سلاح المستعمرين، وما حصل حديثاً هو عند ساعات الظهيرة بينما كنت في مسكني برفقة عائلتي شاهدت مجموعة كبيرة من المستعمرين يحرقون غرفة زراعية على بعد 200متر عن موقع إقامتي، حينها بشكل تلقائي قمت على الفور بالخروج من المسكن برفقة كامل عائلتي والهروب بعيداً عندما شاهدتهم يتوجهون باتجاهنا وكنت أفكر فقط بحماية عائلتي ولقد تركت كل شيء في المسكن من أوراق ونقود وكافة ما أملك، حيث بالفعل وصل المستعمرون هناك وقاموا بإضرام النيران في البركسات وسرقة أغنامي وتحطيم محطة الكهرباءـ حتى سيارتي الشخصية أحرقت أيضاً، ولم يترك لنا أي شيء هناك، سوى حماية الله لنا، لقد اضطررت مجدداً نحو الرحيل القسري باتجاه قرية جلجيليا المجاورة علماً بأن كامل ما أملك تم خسارته بالكامل"..
يشار الى أن المستعمرين استمروا في زحفهم حيث استهدفوا ايضاً قطعة أرض زراعية وقاموا بإعطاب ثلاثة خزانات للمياه وأيضاً تقطيع سبعة غراس زيتون بالإضافة الى إحراق مركبتين تعودان لمزارعين كانا يتواجدون في أراضيهم الزراعية، هذا بالإضافة الى إحراق كوبين من الخشب ومعدات كانت تستعمل في بناء غرفة زراعية في المنطقة.
اعتداء يوم الاربعاء 23/4/2025م:
وفي اليوم التالي (الأربعاء) استأنف المستعمرون اعتداءاتهم، فعند ساعات العصر تجمعت مجموعة جديدة تتكون عن ما يزيد عن 60 مستعمرا، حيث قاموا بالتوجه باتجاه عزبة زراعية تعود في ملكيتها الى المزارع أحمد خليل زبن، حيث قام المستعمرون بإضرام النيران في مزرعته وإحراق كامل المبنى الزراعي هناك المكون من الصفيح واحتراق الأثاث الذي بداخله، وأيضاً احراق 23 شجرة مثمرة و7 خزانات للمياه، بشكل كلي، حيث قام المستعمرون بالقاء قنابل حارقة عليها، وقد سبق ذلك بدقائق إضرام النيران في غرفة زراعية مجاورة عبر اضرام النيران بها أيضا.
وقد أفاد المزارع المتضرر للباحث الميداني بالقول:
" امتلك مزرعة من دونمين وأنا اعتني بها واعتبرها مهمة بالنسبة لي ولا تقل معزتها عندي عن معزة أبنائي، حيث أمضي معظم وقتي فيها، وما حصل هو في عصر يوم الأربعاء تفاجئت بوجود أكثر من 60 مستعمر ملثم بالقرب من مزرعتي حيث توجهوا في البداية باتجاه مزرعة أخي محارب وقاموا بإحراق الغرفة الزراعية هناك، وأنا على الفور قمت بالهروب من المزرعة باتجاه الطريق الزراعي المجاور، في حين قام المستعمرون بالوصول الى مزرعتي وقاموا بإضرام النيران فيها عبر القاء قنابل صوتية حارقة و لقد أحرقوا المزرعة بالكامل بما فيها 23 شجرة أحرقت أيضاً، حيث أن هذا كارثي لقد شعرت بحسرة كبيرة وأجهشت بالبكاء على ما حصل لي".
بالاضافة الى ما تقدم، فقد أقدم المستعمرون على إضرام النيران في منشأت زراعية أخرى في المنطقة، بالإضافة الى احراق مولد للكهرباء هناك.
فيما يلي أسماء أصحاب المنشآت المتضررة من اعتداءات المستعمرين ومعلومات عنها:
المزارع المتضرر | أفراد الأسرة | عدد الإناث | عدد الأطفال | طبيعة الضرر | ملاحظة |
الشهيد وائل باسم محمد غفري | 6 | 3 | 1 | حرق غرفة زراعية بالكامل بمساحة 60م2 وهي من الحجارة وسقف صفيح | استشهد صاحب الغرفة أثناء تواجده هناك نتيحة اعتداءات المستعمرين |
محمد علي سالم عراعرة | 5 | 3 | 0 | حرق 2 بركسات للسكن بالكامل محتوياتها بمساحة 24م2 للواحد. حرق مطبخ من أقواس وشوادر 12م2 . تحطيم خلية شمسية عدد4. تخريب حظيرة أغنام. حرق سيارة خاصة. حرق خزان مائي. | تم سرقة 45 رأس من الأغنام منه
تم تهجيره سابقاً من وادي السيق باتجاه سنجل واليوم تم تهجيره مجدداً باتجاه قرية جلجيليا |
عفيف جميل كامل فقهاء | 7 | 4 | 4 | - قطع 7 غراس زيتون من أرضه. - اتلاف 3 خزانات للمياه سعة 1م3 للواحد. |
|
ايمن عمر رستم بعيرات | 4 | 1 | 0 | - إحراق 2 كوب أخشاب. - تحطيم مولد كهرباء في ارضه |
|
عادل أحمد علوان | 6 | 3 | 2 | - حرق سيارة خاصة بالكامل. |
|
محمد عيسى كريك | 5 | 2 | 3 | - حرق سيارة خاصة بالكامل |
|
احمد خليل أحمد زين | 2 | 1 | 0 | حرق مبنى زراعي بالكامل مع محتوياته الداخلية من الزينكو 60م2 إتلاف 23 شجرة وإحراقها بالكامل إحراق 7 خزانات للمياه سعة 1م3 لكل خزان. إحراق مولد كهرباء |
|
محارب خليل احمد زين | 2 | 1 | 0 | إحراق غرفة زراعية بالكامل من الطوب وسقف باطون 60م2 |
|
حسن احمد عصفور | 2 | 1 | 0 | - إحراق خشابية 12م2 |
|
كريم مصطفى حنون | 2 | 1 | 0 | - إحراق خشابية 16م2 |
|
بلال اسعد حلوم | 5 | 3 | 3 | - إحراق طاقة شمسية |
|
تعريف ببلدة سنجل[1]:
تقع بلدة سنجل على بعد 20كم من الجهة الشمالية من مدينة رام الله، ويحدها من الشمال قرية اللبن الشرقية، ومن الغرب قريتي عبوين وجلجيليا، ومن الشرق قريتي قريوت وترمسعيا، ومن الجنوب قرية المزرعة الشرقية. يبلغ عدد سكانها 5236 نسمة حتى عام 2007م. وتبلغ مساحة القرية الإجمالية 14,028 دونماً منها 888 دونم عبارة عن مسطح بناء للقرية. ونهبت المستعمرات الإسرائيلية من أراضي البلده 551 دونماً، حيث تقع تلك المستعمرات على جزء من أراضي البلده. والمستعمرات هي: ” معاليه لفونة” والتي تأسست عام 1983م وصادرت من أراضي القرية 298 دونماً ويقطنها 497 مستعمراً، والثانية ” مستعمرة عيلي – إيلي” والتي تأسست عام 1984م ومقام جزء منها على أراضي القرية ونهبت منها 253 دونماً ويقطنها 2058 مستعمراً، كما نهب الطريق الالتفافي رقم 60 أكثر من (246) دونماً .هذا وتصنف أراضي القرية حسب اتفاق أوسلو إلى مناطق (A وB و C) حيث تشكل مناطق A ما نسبته ( 14%) ومناطق B تشكل (30%) بينما المناطق المصنفة C تشكل المساحة الأكبر وهي خاضعة للسيطرة الكاملة للاحتلال الإسرائيلية تشكل نسبة (56%) ونوضح هنا المساحات بالدونم:
مناطق مصنفة (أ) 1,980 دونم.
مناطق مصنفة (ب) 4,140 دونم.
مناطق مصنفة (ج) 7,908 دونم
حرق المنشآت الزراعية يؤدي إلى انتشار عدة ملوثات في الهواء:
يقوم غالبية بإنشاء دفيئات زراعية، ويزرعونها بالمحاصيل الحقلية الموسمية ويمدونها بشبكة ري - أنابيب بلاستيك مقوّى- كما أن بعض الدفيئات الزراعية يضع بها المزارع مقتنياته وتحتوي على مواد بلاستيكية او اسفنجية أو مبيدات وما إلى ذلك.
ويعتمد المزارعون على هذه الدفيئات كمصدر دخل أساسي إضافة الى اكتفاء ذاتي للأسر الفلسطينية ، إلا أنها أصبحت هي وكل المنشآت الزراعية في الآونة الأخيرة هدفاً للاحتلال الإسرائيلي ومستعمريه، فعدا عن عمليات التجريف والتخريب لتلك الدفيئات، يقوم المستعمرون بحرقها كما في حالة عائلة هريشات التي حرق المستعمرون دفيئاتها وعليه فإن المستعمرين يرتكبون ضرراً كبيراً في البيئة الفلسطينية المحيطة بتلك المنشآت الزراعية خاصةً وأنه يوجد فيها مواد بلاستيكية وأحياناً مبيدات كيماوية تؤدي الى انبعاث الملوثات المختلفة في الهواء مما يسبب ازعاجاً ويلحق ضرراً في البشر والحيوانات والمحاصيل الزراعية أيضاً، خاصة أن المواد البلاستيكية غنية بالكربون – الذي يعتبر غاز الدفينة-، وكذلك أثناء اشتعال النيران تتطاير جزيئات من الرماد وتلوث الجو، وإذا كان في تلك الغرف مبيدات كيماوية فإن تبخر تلك المواد ملوثاً للهواء وقد يعرض الناس للخطر خلال استنشاق أبخرة المبيدات الزراعية والمواد البلاستيكية.
رغم أن الجهة المختصة في حماية البيئة الإسرائيلية هي - وزارة حماية البيئة الاسرائيلية التي تقوم بتنسيق العمل في القضايا المتعلقة بالبيئة والحد من التلوث ... الخ، تصرح على موقعها الالكتروني لوزارة حماية البيئة الاسرائيلية، بهذه العبارة ( إن تلوث الهواء لا يبقى في مكان محدد ولا يعرف الحدود بل ينتشر حسب ظروف المناخ مع الرياح ودرجة الحرارة والرطوبة) إلا أن أكثر مسبب في تلوث الهواء هم المستعمرون المنتشرون في المستعمرات والبؤر الاستعمارية في أراضي الضفة الغربية، حيث لا يقتصر الحرق للمنشآت الزراعية بل للأشجار والمحاصيل والمنشآت الأخرى والمساكن والمركبات الفلسطينية أيضاً.
بموجب الأمر بالاجراءات الجنائية الإسرائيلية عام 2022- فإن "حرق النفايات في موقع غير قانوني خاضع لغرامة مالية قدرها 2000 شيقل على الفرد و12 ألف شيقل على الشركة"[1]، حيث وبحسب ما تم التصريح به فإنه قد يسبب الأمراض المزمنة والتعرض لأمراض السرطان في حال استنشاق البشر لمواد سامة.
وإن حرق مثل الدفيئات الزراعية أو المنشآت أو أشجار أو أي ممتلكات فهي لا تقل ضرراً عن حرق النفايات بل يتعدى ذلك كونه في أراضي زراعية وملكيته خاصة تعود لفلسطينيين، وعليه يجب أن تكون المخالفة مضاعفة بالدخول لعقار ليس بعقاره والتعدي بيئياً عليه.
ومما لا شك فيه أن الاعتداءات التي يقوم بها الجانب الإسرائيلي تخالف قوانين "دولة الاحتلال" قبل غيرها من القوانين، وبالرجوع إلى تفاصيل هذه الحالة نجد أن قانون العقوبات الإسرائيلي لعام 1977م وتعديلاته قد نص على أن التعدي على ممتلكات الغير لارتكاب جريمة فعل معاقب عليه بالقانون، حيث نصت المادة 447 على أنه:" من فعل أي من ذلك بقصد ترهيب مالك عقار أو إهانته أو مضايقته أو ارتكاب جريمة، عقوبته السجن سنتين:
(1) يدخل أو يعبر العقار؛ (2) بعد دخوله العقار بشكل غير قانوني.
(ب) تُرتكب جريمة بموجب هذا القسم عندما يحمل الجاني سلاحًا ناريًا أو سلاحًا باردًا، عقوبته هي السجن أربع سنوات".
وبقراءة نص هذه المادة نجد بأن قانون العقوبات الإسرائيلي جرم مجرد دخول أي شخص بدون وجه حق إلى عقار ليس بعقاره بهدف الإهانة أو المضايقة أو الترهيب ويعاقب على ذلك الفعل سنتين، وتتضاعف العقوبة عندما يدخل المعتدي ويرتكب جريمة في عقار غيره باستخدام سلاح أو أداة حادة أو حتى الاعتداء الأراضي الزراعية من قطع وحرق وتخريب، وهذا ما تم تجريمه صراحةً في نص المادة المذكورة من قانون العقوبات الإسرائيلي آنف الذكر.
وعليه فإن المعتدي الإسرائيلي يخالف دون أي وجه حق ما جاء في القوانين والمعاهدات الدولية، وما جاء أيضاً في قوانين "دولته" الداخلية مخالفةً صريحة، وعليه لا بد على "القضاء الإسرائيلي" محاسبة ومعاقبة المستعمرين على هذه الأفعال بموجب نصوص قوانينهم وما جاء فيها. إلا أنه لا يوجد أي مسائلة قانونية للمعتدي من قبل القضاء الإسرائيلي. ولكن هذا لا ينفي حق أي إنسان على هذه الأرض أن يعيش في بيئة نظيفة وسليمة وآمنة من أي انتهاك واعتداء ضدها.
[1] المصدر: وحدة نظم المعلومات الجغرافية – مركز ابحاث الأراضي.