تفاصيل الانتهاك:
يواصل المستعمرون انطلاقًا من البؤرة الاستعمارية "حفاد جلعاد" القائمة على أجزاء من أراضي قرية فرعتا حملة الاعتداءات على الأراضي الزراعية القريبة من تلك البؤرة وإعاثة الخراب هناك بهدف ثني المزارعين عن فلاحة أراضيهم وزراعتها.
وبحسب المستجدات الأخيرة، فقد قامت مجموعة من المستعمرين يزيد عددهم عن 20 مستعمرًا بمهاجمة حقول الزيتون على أطراف القرية، تحديدًا ضمن منطقة "الصوانة" شمال القرية، حيث استهدف المستعمرون قطعة أرض مُشجّرة بالزيتون المُثمر وقاموا بإضرام النيران بها، مما أدى إلى احتراق ما يزيد عن 40 شجرة زيتون بعمر 30 عاماً، حيث إن ارتفاع درجات الحرارة ووفرة الأعشاب اليابسة ساهمت بشكل كبير في تمدد النيران لتطال تلك الأشجار التي تضررت بشكل كلي.
وتعود ملكية تلك الأشجار إلى المزارع محمد محمود سلمان، المُعيل لأسرة مكوّنة من (3) أفراد من بينهم (2) إناث، حيث أفاد بالقول:
"منذ أحداث الحرب على غزة وأنا أعاني من صعوبة الدخول إلى أرضي وجني ثمار الزيتون هناك، علماً بأن أرضي تقع على مسافة كيلومتر واحد من البؤرة "حفاد جلعاد"، وخلال الأشهر الماضية كان هناك نشاط ملحوظ وكبير للمستعمرين هناك، حيث كانوا يتجولون بين الحقول ويقومون بإتلاف المحاصيل ومنع المزارعين من التواجد هناك، وما حصل هو أن المستعمرين أثناء تواجدهم في أراضيّ وبشكل استفزازي قاموا بإلقاء مواد حارقة على الأعشاب الموجودة في أرضي المُشجّرة بالزيتون، علماً بأني لم أحرث الأرض منذ عامين بسبب منع المستعمرين لي، حيث سرعان ما انتشرت النيران بشكل كبير والتهمت الأشجار واحدة تلو الأخرى. حاولنا الوصول إلى الأرض، إلا أن جيش الاحتلال منعنا من الدخول، وسمح في نهاية المطاف لسيارات الدفاع المدني الفلسطيني من الدخول بعد التهام 40 شجرة زيتون والتي تضررت بشكل كلي، حيث كانت تلك الأشجار تنتج ما لا يقل عن 15 تنكة زيت زيتون في موسم الزيتون، وكنت أعتمد عليها بشكل كبير في توفير مونتي من زيت الزيتون."
يُذكر أن هذا الاعتداء قد تكرّر مرات عديدة خلال الأعوام الماضية، وتم توثيق عدد كبير منها والتي طالت مساحات كبيرة من القرية وتضررت بشكل كبير.
يُشار إلى أنه منذ أحداث الحرب على غزة منذ العام 2023م، ومستعمرة "حفاد جلعاد" تُغلق مساحات كبيرة من الأراضي تزيد عن 600 دونم من أراضي قرية فرعتا، حيث يُمنع المزارعون من فلاحتها أو الدخول إليها أو الاعتناء بها، في حين يواصل المستعمرون أعمال التخريب فيها وإتلاف المحاصيل الزراعية.
يُذكر أن البؤرة "حفاد جلعاد" تأسست في مطلع العام 2002م على يد مجموعة متطرفة من المستعمرين على أراضي قرى تل، جيت، فرعتا شرق مدينة قلقيلية، عشية مقتل المستعمر "جلعاد زار" في تلك المنطقة. وفي العام 2010، أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية أمرًا احترازيًا يمنع جيش الاحتلال من إخلاء بؤرة "حفاد جلعاد"، وجاء هذا القرار في أعقاب الالتماس الذي قدّمه المستعمر موشيه زار، والد المستعمر القتيل جلعاد زار الذي تحمل البؤرة اسمه. ويدّعي زار أنه يملك وثائق وأدلة تؤكد "ملكيته" للأرض التي أُقيمت عليها البؤرة.
وقد أوصى المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية "أفيحاي مندلبليت" بشرعنة البؤرة الاستعمارية "حفاد جلعاد" شرق قلقيلية إلى مستعمرة مُعترف بها.
ومنذ تأسيس تلك البؤرة وحتى تاريخ اليوم، والمستعمرون فيها ينشطون في أعمال العربدة وإحراق المحاصيل الزراعية وتكسير الأشجار، بل وتعدّى الأمر باتجاه مداهمة القرى الفلسطينية ليلًا وإعطاب إطارات المركبات وخط شعارات تحريضية، علمًا بأن المجموعة التي تقطن تلك البؤرة يتميّزون بأنهم متطرفون دينيًا وتحكمهم عقيدة التخريب وقتل العرب.
قرية فَرْعَتا[1]:
تقع قرية فرعتا على بعد 26 كم من الجهة الشرقية من مدينة قلقيلية ويحدها من الشمال جت ومن الغرب أمتين ومن الشرق تل ومن الجنوب أمتين
يبلغ عدد سكانها ( 872 ) نسمة حتى عام ( 2017 ) م.
تبلغ مساحتها الإجمالية 1,657 دونم، منها 84 دونم عبارة عن مسطح بناء لقرية الجلمة.
نهبت الطريق الالتفافية التي تحمل الرقم 596 ما مساحته ( 188) دونم.
في حال تنفيذ الجدار العنصري المخطط فانه سينهب تحت مساره ( 69) دونم ، وسيعزل (66) دونم، وسيبلغ طوله ( 668) متراً.
تصنيف الأراضي حسب اتفاق أوسلو للقرية:
- مناطق مصنفة A ( NA ) دونم.
- مناطق مصنفة B ( 1,493) دونم.
- مناطق مصنفة 164 ) C) دونم.
[1] المصدر: وحدة نظم المعلومات الجغرافية – مركز أبحاث الأراضي.
حرق الأراضي الزراعية انتهاكاً صارخاً بحق البيئة الفلسطينية:
تعتبر الزراعة مقوّم أساسي لدى الأسر الفلسطينية فهي توفر الأمن الغذائي وتلبي حاجات تلك الأسر، ويعتمد عليها المزارعون الفلسطينيون كمصدر دخل لديهم، إلا أنها أصبحت في الآونة الأخيرة تحدياً صعباً ومحفوفاً بالمخاطر ويتكبد من يزرع أرضه خسائر كبيرة بفعل تصاعد أعمال عربدة المستعمرين وبحماية بل ومشاركة قوات الاحتلال الاسرائيلي، فالصراع الأساسي هو الأرض، فيعيثون فيها خراباً من تجريف وتخريب وتسميم وإغراق بالمياه العادمة وصولاً الى حرق الأشجار والمزروعات ملوثين بذلك الهواء والتربة دون أي رادع!.
فعدا عن عمليات المصادرة المتواصلة للأراضي، وحرمان المزارعين من الوصول اليها، وإغلاق العديد من الطرق الزراعية، فكثف المستعمرين وجيش الاحتلال في الفترة الأخيرة من أعمال حرق المزروعات والأشجار، وعليه فإن المستعمرين يرتكبون ضرراً كبيراً في البيئة الفلسطينية بالأرض ومحيطها بما يوجد فيها مواد بلاستيكية ومبيدات كيماوية تؤدي الى انبعاث الملوثات المختلفة في الهواء مما يسبب ازعاجاً ويلحق ضرراً في البشر والحيوانات والمحاصيل الزراعية أيضاً، وكذلك أثناء اشتعال النيران تتطاير جزيئات من الرماد وتلوث الجو.
رغم أن الجهة المختصة في حماية البيئة الاسرائيلية هي - وزارة حماية البيئة الاسرائيلية التي تقوم بتنسيق العمل في القضايا المتعلقة بالبيئة والحد من التلوث ... الخ، تصرح على موقعها الالكتروني لوزارة حماية البيئة الاسرائيلية، بهذه العبارة ( إن تلوث الهواء لا يبقى في مكان محدد ولا يعرف الحدود بل ينتشر حسب ظروف المناخ مع الرياح ودرجة الحرارة والرطوبة) إلا أن أكثر مسبب في تلوث الهواء هم المستعمرون المنتشرون في المستعمرات والبؤر الاستعمارية في أراضي الضفة الغربية، حيث لا يقتصر الحرق على الأشجار والمزروعات بل المنشآت الزراعية والمنشآت الأخرى والمساكن والمركبات الفلسطينية أيضاً هدفاً للحرق .
بموجب الأمر بالاجراءات الجنائية الإسرائيلية عام 2022- فإن "حرق النفايات في موقع غير قانوني خاضع لغرامة مالية قدرها 2000 شيقل على الفرد و12 ألف شيقل على الشركة"[1]، حيث وبحسب ما تم التصريح به فإنه قد يسبب الأمراض المزمنة والتعرض لأمراض السرطان في حال استنشاق البشر لمواد سامة.
وإن حرق المزروعات لا يقل ضرراً عن حرق النفايات بل يتعدى ذلك كونه أراضي زراعية وملكيته خاصة تعود لفلسطينيين، وعليه يجب أن تكون المخالفة مضاعفة بالدخول لعقار ليس بعقاره والتعدي بيئياً عليه.
ومما لا شك فيه أن الاعتداءات التي يقوم بها الجانب الإسرائيلي تخالف قوانين "دولة الاحتلال" قبل غيرها من القوانين، وبالرجوع إلى تفاصيل هذه الحالة نجد أن قانون العقوبات الإسرائيلي لعام 1977م وتعديلاته قد نص على أن التعدي على ممتلكات الغير لارتكاب جريمة فعل معاقب عليه بالقانون، حيث نصت المادة 447 على أنه:" من فعل أي من ذلك بقصد ترهيب مالك عقار أو إهانته أو مضايقته أو ارتكاب جريمة، عقوبته السجن سنتين:
(1) يدخل أو يعبر العقار؛ (2) بعد دخوله العقار بشكل غير قانوني.
(ب) تُرتكب جريمة بموجب هذا القسم عندما يحمل الجاني سلاحًا ناريًا أو سلاحًا باردًا، عقوبته هي السجن أربع سنوات".
وبقراءة نص هذه المادة نجد بأن قانون العقوبات الإسرائيلي جرم مجرد دخول أي شخص بدون وجه حق إلى عقار ليس بعقاره بهدف الإهانة أو المضايقة أو الترهيب ويعاقب على ذلك الفعل سنتين، وتتضاعف العقوبة عندما يدخل المعتدي ويرتكب جريمة في عقار غيره باستخدام سلاح أو أداة حادة أو حتى الاعتداء الأراضي الزراعية من قطع وحرق وتخريب، وهذا ما تم تجريمه صراحةً في نص المادة المذكورة من قانون العقوبات الإسرائيلي آنف الذكر.
وعليه فإن المعتدي الإسرائيلي يخالف دون أي وجه حق ما جاء في القوانين والمعاهدات الدولية، وما جاء أيضاً في قوانين "دولته" الداخلية مخالفةً صريحة، وعليه لا بد على "القضاء الإسرائيلي" محاسبة ومعاقبة المستعمرين على هذه الأفعال بموجب نصوص قوانينهم وما جاء فيها. إلا أنه لا يوجد أي مسائلة قانونية للمعتدي من قبل القضاء الإسرائيلي. ولكن هذا لا ينفي حق أي إنسان على هذه الأرض أن يعيش في بيئة نظيفة وسليمة وآمنة من أي انتهاك واعتداء ضدها.
مشروع: حماية الحقوق البيئية الفلسطينية في مناطق "ج" SPERAC IV - GFFO
Disclaimer: The views and opinions expressed in this report are those of Land Research Center and do not necessarily reflect the views or positions of the project donor; the Norwegian Refugee Council.
إخلاء المسؤولية: الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا التقرير هي آراء ووجهات نظر مركز أبحاث الأراضي ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر أو مواقف الجهة المانحة للمشروع؛ المجلس النرويجي. للاجئين
آثار إحراق أراضي قرية فرعتا