2025-08-27
الاحتلال والاستيطان يلتهمان المغير ... الأرض تُجرف والاستيطان يتمدد
تفاصيل الانتهاك:
شرع المستعمرون بخطوة جديدة نحو السيطرة على ما تبقى من أراضي قرية المغير الواقعة إلى الشمال الشرقي من مدينة رام الله، فقد أقدم المستعمرون، تحت حماية جيش الاحتلال وبدعم من حكومة اليمين المتطرف الإسرائيلي، على الشروع في إنشاء أربع بؤر استعمارية جديدة على أراضي القرية. وفيما يلي تفاصيل هذه البؤر:
الجهة الشمالية الغربية (منطقة ظهر درويش وقلصون):
بدأ المستعمرون بشق طريق استعماري بطول 2كم ينطلق من الطريق الالتفافي المعروف باسم "ألون" باتجاه جبل يقع في الجهة الشمالية الغربية من القرية، ضمن المنطقة المعروفة باسم "ظهر درويش" و"قلصون"، تعمل أربع جرافات هناك على تأهيل وتجريف نحو 35 دونماً من الأراضي التي يصنفها الاحتلال "أراضي دولة"، تمهيداً لإنشاء بؤرة استعمارية جديدة، خطورة هذه البؤرة تكمن في قربها من منازل القرية، حيث لا تبعد سوى 200 متر عنها، كما أن الطريق الجاري إنشاؤه سيساهم في فرض السيطرة الكاملة على سهل قرية المغير، الذي جرى تجريف مساحات واسعة من الأراضي وارتكاب مجزرة بحق الزيتون الفلسطيني فيه.
الجهة الشرقية (منطقة المدابس)
على تلة مجاورة للمدخل الشرقي للقرية، ضمن المنطقة المعروفة باسم "المدابس"، استولى المستعمرون على نحو 4 دونمات يصنفها الاحتلال، هناك وضعوا وحدة سكنية ثابتة وأربع خيام، تمهيداً لإنشاء بؤرة استعمارية تفرض السيطرة الكاملة على المنطقة وتؤدي إلى إغلاق المدخل الشرقي للقرية بالكامل، وتحويل حياة المواطنين الفلسطينيين في القرية إلى جحيم لا يطاق.
التلال الشرقية (منطقة القلع)
شرع المستعمرون بتجريف ما لا يقل عن 12 دونم من الأراضي الرعوية التي تمت مصادرتها، تمهيداً لإقامة بؤرة استعمارية جديدة، موقع هذه البؤرة يتوسط تلة تشرف على نحو 150 دونماً من الأراضي الرعوية التي كانت تستخدم سابقاً لتربية الأغنام.
الطريق بين خربة جبعيت وطريق ألون الالتفافي:
وضع المستعمرون وحدة سكنية على الطريق الرابط بين خربة جبعيت وطريق ألون الالتفافي، تمهيداً لإقامة بؤرة استعمارية كبيرة، هذه البؤرة ستساهم في عزل خربة جبعيت بالكامل على امتداد أكثر من 500 دونم، وتفتح المجال نحو إغلاق المنطقة بشكل كامل.
وأفاد المزارع مرزوق عوض أبو نعيم:
"ما يحصل حالياً هو تهويد كامل لما تبقى من أراضي القرية، التي تبلغ مساحتها 45 ألف دونم، لم يتبق منها سوى 7 آلاف دونم فقط. القرية الآن محاصرة بشكل كامل، وهذا ينذر بكارثة كبيرة قد تدفع ما تبقى من المواطنين إلى الهجرة القسرية وإفراغ القرية من أهلها، خاصة في ظل تصاعد الاعتداءات وسيطرة المستعمرين على معظم الأراضي."
وأضاف المزارع مرزوق:
"قبل أيام قام المستعمرون بقطع أكثر من 10 آلاف شجرة زيتون، وسبق ذلك مصادرة مساحات واسعة من الأراضي، وتبعها شق طرق استعمارية على أطراف القرية، تمهيداً لتهويدها والسيطرة على كامل أراضيها، نحن ندق ناقوس الخطر، فالقرية بحاجة ماسة إلى دعم ومساعدة لتثبيت المزارعين في أرضهم."
معلومات عن قرية المغير:
تقع قرية المغير إلى الشمال الشرقي من مدينة رام الله، على بعد نحو 30 كم. بلغ عدد سكانها 2,872 نسمة حتى عام 2017م وفق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني. معظم أراضي القرية تقع في الجهة الشرقية وتمتد حتى حدود نهر الأردن.
البؤرة الاستعمارية الجديدة على أراضي المغير تهدد الأراضي الزراعية والبيئة الفلسطينية:
إن إنشاء البؤرة الاستعمارية الجديدة على أراضي زراعية سيجعل آلاف الدونمات مهددة لصالح التوسع الاستعماري، الأمر الذي يهدد البيئة الفلسطينية في البلدة بفعل استمرار بناء بؤر استعمارية وتوسيع المستعمرات القائمة منها، حيث إن بناء بؤرة استعمارية جديدة على أراضي زراعية يعني ذلك إحداث تلوث بيئي إضافي.
فأشكال التلوث البيئي التي تحدثها المستوطنات والمصانع الإسرائيلية، من مياه عادمة وتدمير وتجريف للأراضي الزراعية والرعوية وتحويلها إلى مناطق بناء استيطاني جميعها انعكست بشكل خطير على التنوع الحيوي في فلسطين، حيث يعمل تجريف الأراضي لإقامة المستوطنات وشق الطرق الالتفافية على إزالة المساحات الخضراء بعد إزالة النباتات والأشجار، ومساحات واسعة من الغابات، وهذا يعني أن أعداداً كبيرة من أنواع النباتات قد اختفت ولم يسمح لها بالنمو مرة أخرى في نفس المنطقة.
كما تؤدي أعمال التجريف إلى إزالة وهدم أماكن سكن الحيوانات البرية، بالتالي إلى هروبها وهجرتها إلى أماكن أخرى، وخلق حالة من التجزئة البيئية في فلسطين. كما أن الآثار الناجمة عن الملوثات البيئية الأخرى قد انعكست على نمو النباتات وتكاثر الحشرات وانتشار الأوبئة التي من شأنها أن تلقي بظلالها على الحياة الحيوانية البرية. والمعضلة الكبرى هي استنزاف المياه الفلسطينية الذي أدى إلى تناقصها، وعدم قدرة النباتات والأشجار على النمو.
إن إنشاء البؤر الاستعمارية هي سياسة قديمة جديدة هدفها السيطرة على أكبر قدر ممكن من الأراضي الفلسطينية، ففي الحقيقة أن الأمور لا تتمحور حول الاستيلاء على دونم واحد أو بضعة دونمات بقدر نية سلطات الاحتلال الاستيلاء على أكبر مساحة ممكنة من الأراضي الفلسطينية، حيث تبدأ الفكرة بوضع خيمة أو بيت متنقل أو أكثر ثم تبدأ بالتوسع تدريجياً حتى تصبح بحاجة إلى بنية تحتية ومد خط مياه وشبكة كهرباء وشق طرق اليها وبالتالي يتم الإعلان عن تخطيطها وشرعنتها بأثر رجعي ثم تحويلها إلى مستعمرة تسيطر على مئات الدونمات، تأتي هذه الخطوات بالتزامن مع منع المزارعين الفلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم القريبة من تلك البؤر ومنع أعمال استصلاح او بناء بذريعة أمن المستعمرة لكن في حقيقة الأمر لتصبح الأراضي المحيطة بها مخزون استعماري يتم توسعة المستعمرة عليها متى شاءوا.
وفي الختام :
إن ما تشهده قرية المغير يعد تصعيداً استيطانياً خطيراً يتمثل في الشروع بإنشاء أربع بؤر استعمارية جديدة وشق طرق استيطانية على أراضيها وتجريفها، ما يُعد انتهاكاً بيئياً ممنهجاً له آثار خطيرة على البيئة الفلسطينية. هذه الأعمال الاستيطانية تترافق مع تجريف واسع للأراضي الزراعية والرعوية، شمل عشرات الدونمات من الغطاء النباتي الطبيعي، خاصة في مناطق مثل "ظهر درويش"، "المدابس"، "القلع"، ومحيط خربة جبعيت.
إن ما تقوم به مجموعات المستعمرين تحت حماية جيش الاحتلال لا يُهدد فقط التنوع الحيوي والغطاء النباتي الذي يُعد خط الدفاع الأول ضد التصحر، بل يؤدي إلى:
إضافة إلى الأضرار البيئية، تؤسس هذه البؤر لنمو استيطاني مستقبلي سيؤدي إلى تفريغ الأرض من سكانها الأصليين وتحويل المشهد الطبيعي إلى امتداد إسمنتي استعماري يُقوّض أي إمكانية لحماية أو استدامة الموارد الطبيعية الفلسطينية.