تفاصيل الانتهاك:
شهدت قرية كفر قدوم الواقعة شرق مدينة قلقيلية صباح يوم الاثنين الموافق 13/10/2025 اعتداءً جديداً من قبل المستعمرين القاطنين في البؤرة الاستعمارية الجديدة المقامة في منطقة "الكدان" على أراضي القرية من الجهة الشمالية الغربية.
وبحسب المتابعة الميدانية، فقد أقدم ما يزيد على خمسة عشر مستعمراً على استهداف قطعة أرض زراعية مزروعة بأشجار الزيتون المثمرة، تقع في منطقتي "القصورة" و"خلة ربيع"، على مسافة نحو 300 متر فقط من البؤرة المذكورة.
وخلال الاعتداء، نفذ المستعمرون أعمال تخريب واسعة في الأرض التي تبلغ مساحتها 35 دونماً، علماً بأنها تقع ضمن المنطقة المصنفة “ب” حسب اتفاق أوسلو، وتعود ملكيتها إلى المزارع لؤي عوني عبد الله علي، وهو المعيل لأسرة مكونة من خمسة أفراد، من بينهم ثلاث إناث وثلاثة أطفال.
يُذكر أن الباحث الميداني كان قد وثق في تاريخ 5/10/2025 قيام المستعمرون بإتلاف 50 شجرة زيتون في قطعة أرض مجاورة تعود ملكيتها إلى المزارع عمر اشتيوي.
وبحسب المشاهدة الميدانية في موقع الانتهاك، فقد تمثلت الأضرار فيما يلي:
وأفاد المزارع المتضرر لؤي عوني علي بالقول:
"أمتلك قطعة أرض زراعية مساحتها 35 دونماً تقع شمال شرق القرية، وتبعد نحو كيلومتر ونصف عن بيوت القرية، والأرض مزروعة بمعظمها بأشجار الزيتون المثمر، وقبل عامين قمت بتأهيل ثلاثة دونمات منها بالتعاون مع وزارة الزراعة الفلسطينية، حيث زرعتها بأشتال زيتون جديدة، وأقمت حولها سناسل حجرية، وبنيت داخلها غرفة زراعية، أنا معتاد على زيارة أرضي بشكل شبه يومي للعناية بالأشجار، وأعلم جيداً أن هذه الأرض تقع ضمن المنطقة المصنفة “ب” وفق اتفاق أوسلو."
وأضاف قائلاً:
"قبل عدة أشهر، أقام المستعمرون بؤرة استعمارية رعوية جديدة في منطقة الكدان، وتبعد عن أرضي نحو 300 متر فقط، منذ ذلك الوقت، لم أعد أتمكن من الذهاب إلى أرضي يومياً، وأصبحت أزورها مرة واحدة أسبوعياً فقط لتجنب اعتداءات المستعمرين المتكررة.
"خلال الأشهر الثلاثة الماضية، قام المستعمرون بتخريب أشجار لي بشكل متتابع، بمعدل 3 إلى 5 أشجار في كل مرة، وفي مطلع هذا الشهر، اعتدوا على أرض جاري المزارع عمر اشتيوي، حيث قطعوا 50 شجرة زيتون مثمرة".
"أما في يوم الاثنين الأخير، عندما توجهت إلى أرضي عصراً لتفقدها، فوجئت بأن النيران تنبعث من الغرفة الزراعية، وأن جزءاً كبيراً من السناسل الحجرية قد هُدم، والباب كان مكسوراً، والغرفة محترقة بالكامل، كما قاموا باقتلاع 9 غراس زيتون وهدم 200 متر من السناسل المحيطة".
على الفور تواصلت مع أقاربي وعدد من المزارعين القريبين من الموقع، وأبلغت المجلس القروي ومديرية زراعة قلقيلية بالحادث."
يُذكر أن الباحث الميداني كان قد وثق في شهر حزيران الماضي قيام المستعمرين بإنشاء بؤرة جديدة في موقع "الكدان" على أراضي قرية كفر قدوم، وتسهم هذه البؤرة بشكل مباشر في تدمير الأراضي الزراعية ومنع المزارعين من الوصول إلى أكثر من 150 دونماً من أراضي القرية.
كما وثق الباحث أعمال تخريب وقطع للأشجار رافقت إنشاء تلك البؤرة وما زالت مستمرة حتى تاريخه.
وعلى مدار السنوات الماضية، سجلت قرية كفر قدوم عشرات الاعتداءات على الأراضي الزراعية وأشجار الزيتون من قبل المستعمرين. ووفق مركز أبحاث الأراضي، فإن هذه الاعتداءات تهدف إلى تخريب البنية الزراعية الفلسطينية وإلحاق الأذى بالمزارعين والممتلكات بشكل متعمد وممنهج.
المستعمرات المقامة على أراضي قرية كفر قدوم:
تعد قرية كفر قدوم الواقعة إلى الجهة الشرقية من مدينة قلقيلية، والبالغة مساحة أراضيها الزراعية نحو عشرين ألف دونم، محط أطماع سلطات الاحتلال بسبب موقع القرية الاستراتيجي، ووقوع معسكر الجيش الأردني القديم في تلك المنطقة، حيث أقدمت سلطات الاحتلال على تحويل ذلك المعسكر إلى نقطة عسكرية لقوات الاحتلال بعد حرب عام 1967م، وبعد ذلك في عام 1975م تم تحويل معسكر الجيش التابع للاحتلال إلى مستعمرة سميت فيما بعد باسم مستعمرة "كدوميم".
تقع مستعمرة كدوميم على أنقاض معسكر الجيش الأردني القديم في الجهة الغربية والجنوبية من القرية، حيث تأسست في عام 1975م، وتبلغ مساحتها نحو 1090 دونمًا من أراضي كفر قدّوم وقرية جِيت المجاورة، ويقطن بها نحو 3290 مستعمرًا، حيث يوجد بها اليوم معهد ديني بالإضافة إلى عدد من المزارع يستغلها المستعمرون في الزراعات الحقلية لديهم، بالإضافة إلى مزرعة لتربية الخيول، علاوة على أنه كان يوجد في المستعمرة لغاية عام 2006م مقر الارتباط والتنسيق الإسرائيلي المسؤول عن منطقة قلقيلية وسلفيت.
ويذكر أن سلطات الاحتلال أقدمت على السيطرة على التلال المجاورة للمستعمرة من الجهة الشمالية بطريق الخداع، لتؤسس في عام 1982م نواة مستعمرة "كدوميم عيليت"، لتصادر اليوم ما مساحته 533 دونما من أراضي كفر قدوم، حيث يقطن بها اليوم نحو 300 مستعمر.
كما يذكر أن مجموعة من المستعمرين قاموا بالاستيلاء على قطعة أرض في سفح جبل محمد شرق القرية عام 2000م لينشئوا نواة استعمارية سميت فيما بعد بمستعمرة "هار حميمد"، لتصادر حتى اليوم نحو 100 دونمٍ من أراضي القرية.
حرق المنشآت الزراعية يؤدي إلى انتشار عدة ملوثات في الهواء:
يقوم غالبية المزارعين الفلسطينيين بإنشاء غرف زراعية في أراضيهم، وذلك للاستراحة وحفظ عددهم الزراعية، وكذلك الاحتفاظ بالأسمدة والمبيدات الكيماوية، وأنابيب ري وغيرها، كما أن بعض الغرف تحتوي على أثاث مكوناتها بلاستيك أو اسفنج ..الخ.
وهذه الغرف منتشرة بشكل واسع في الأراضي الفلسطينية وأصبحت في الآونة الأخيرة هدفاً للاحتلال الإسرائيلي ومستعمريه، فعدا عن عمليات الهدم والتهديد لتلك الغرف، يقوم المستعمرون بحرق الغرف الزراعية كما في حالة عائلة زهور التي حرق المستعمرون غرفتها الزراعية، وعليه فإن المستعمرين يرتكبون ضرراً كبيراً في البيئة الفلسطينية المحيطة بالغرف الزراعية خاصةً وأنه يوجد فيها مواد بلاستيكية ومبيدات كيماوية تؤدي الى انبعاث الملوثات المختلفة في الهواء مما يسبب ازعاجاً ويلحق ضرراً في البشر والحيوانات والمحاصيل الزراعية أيضاً، خاصة أن المواد البلاستيكية غنية بالكربون – الذي يعتبر غاز الدفينة-، وكذلك أثناء اشتعال النيران تتطاير جزيئات من الرماد وتلوث الجو، وإذا كان في تلك الغرف مبيدات كيماوية فإن تبخر تلك المواد ملوثاً للهواء وقد يعرض الناس للخطر خلال استنشاق أبخرة المبيدات الزراعية.
رغم أن الجهة المختصة في حماية البيئة الاسرائيلية هي - وزارة حماية البيئة الاسرائيلية التي تقوم بتنسيق العمل في القضايا المتعلقة بالبيئة والحد من التلوث ... الخ، تصرح على موقعها الالكتروني لوزارة حماية البيئة الاسرائيلية، بهذه العبارة ( إن تلوث الهواء لا يبقى في مكان محدد ولا يعرف الحدود بل ينتشر حسب ظروف المناخ مع الرياح ودرجة الحرارة والرطوبة) إلا أن أكثر مسبب في تلوث الهواء هم المستعمرون المنتشرون في المستعمرات والبؤر الاستعمارية في أراضي الضفة الغربية، حيث لا يقتصر الحرق للمنشآت الزراعية بل للأشجار والمحاصيل والمنشآت الأخرى والمساكن والمركبات الفلسطينية أيضاً.
بموجب الأمر بالاجراءات الجنائية الإسرائيلية عام 2022- فإن "حرق النفايات في موقع غير قانوني خاضع لغرامة مالية قدرها 2000 شيقل على الفرد و12 ألف شيقل على الشركة"[1]، حيث وبحسب ما تم التصريح به فإنه قد يسبب الأمراض المزمنة والتعرض لأمراض السرطان في حال استنشاق البشر لمواد سامة.
وإن حرق مثل هذه الغرف لا يقل ضرراً عن حرق النفايات بل يتعدى ذلك كونه في أراضي زراعية وملكيته خاصة تعود لفلسطينيين، وعليه يجب أن تكون المخالفة مضاعفة بالدخول لعقار ليس بعقاره والتعدي بيئياً عليه.
ومما لا شك فيه أن الاعتداءات التي يقوم بها الجانب الإسرائيلي تخالف قوانين "دولة الاحتلال" قبل غيرها من القوانين، وبالرجوع إلى تفاصيل هذه الحالة نجد أن قانون العقوبات الإسرائيلي لعام 1977م وتعديلاته قد نص على أن التعدي على ممتلكات الغير لارتكاب جريمة فعل معاقب عليه بالقانون، حيث نصت المادة 447 على أنه:" من فعل أي من ذلك بقصد ترهيب مالك عقار أو إهانته أو مضايقته أو ارتكاب جريمة، عقوبته السجن سنتين:
(1) يدخل أو يعبر العقار؛ (2) بعد دخوله العقار بشكل غير قانوني.
(ب) تُرتكب جريمة بموجب هذا القسم عندما يحمل الجاني سلاحًا ناريًا أو سلاحًا باردًا، عقوبته هي السجن أربع سنوات".
وبقراءة نص هذه المادة نجد بأن قانون العقوبات الإسرائيلي جرم مجرد دخول أي شخص بدون وجه حق إلى عقار ليس بعقاره بهدف الإهانة أو المضايقة أو الترهيب ويعاقب على ذلك الفعل سنتين، وتتضاعف العقوبة عندما يدخل المعتدي ويرتكب جريمة في عقار غيره باستخدام سلاح أو أداة حادة أو حتى الاعتداء الأراضي الزراعية من قطع وحرق وتخريب، وهذا ما تم تجريمه صراحةً في نص المادة المذكورة من قانون العقوبات الإسرائيلي آنف الذكر.
وعليه فإن المعتدي الإسرائيلي يخالف دون أي وجه حق ما جاء في القوانين والمعاهدات الدولية، وما جاء أيضاً في قوانين "دولته" الداخلية مخالفةً صريحة، وعليه لا بد على "القضاء الإسرائيلي" محاسبة ومعاقبة المستعمرين على هذه الأفعال بموجب نصوص قوانينهم وما جاء فيها. إلا أنه لا يوجد أي مسائلة قانونية للمعتدي من قبل القضاء الإسرائيلي. ولكن هذا لا ينفي حق أي إنسان على هذه الأرض أن يعيش في بيئة نظيفة وسليمة وآمنة من أي انتهاك واعتداء ضدها.
مشروع: حماية الحقوق البيئية الفلسطينية في مناطق "ج" SPERAC IV - GFFO
Disclaimer: The views and opinions expressed in this report are those of Land Research Center and do not necessarily reflect the views or positions of the project donor; the Norwegian Refugee Council.
إخلاء المسؤولية: الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا التقرير هي آراء ووجهات نظر مركز أبحاث الأراضي ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر أو مواقف الجهة المانحة للمشروع؛ المجلس النرويجي. للاجئين
آثار تخريب أشجار وممتلكات المواطنين